Thursday, July 9, 2009

القمر و حكاياته


اليوم و أنا مروحة من الشغل، قررت أضيع شوية وقت، فنزلت عالسوق. لفيت بدون هدف معين، اشتريت قميصين، و طلعت من المحل و أنا عارفة بيني و بين حالي اني لما أرجع و أقيسهم كمان مرة بالبيت، رح أحسهم فجأة صاروا مش حلوين كتير، و يمكن ما ألبسهم كمان. بس عكل طنشت حالي و وقفت مشان أقطع الشارع، كانت الدنيا ليل و الجو فيه شوية برد، و هون لفت نظري شكل القمر..

كان بدر كامل، لونه برتقالي، و قريب كتير من الأرض، ربعه مخبى ورا العمارات، ليش انعشني منظره و حسيته جد حلو؟ كأني أول مرة بشوفه! ما بعرف..و بهادي اللحظة تذكرت 100 شغلة، من كترهم مش قادرة أرتبهم أي ترتيب زمني أو منطقي.

تذكرت حلم حلمته و أنا صغيرة. حلمت اني قاعدة عالبرندة و بتطلع عالقمر، و بترجاه ييجي لعندي، لحد ما صار ينزل شوي شوي و صار بين ايدي. مش عارفة شو سر السعادة الكبيرة اللي غمرتني لما حضنته، و ليش اعتبرته حلم كتير حلو بهداك الوقت. بتزكر اني لما صحيت حسيت بخيبة أمل كبيرة، و حزن مش معقول، و كتير على بنت 5 سنين، لما عرفت انه حلم، و اني حاضنة المخدة، مش القمر!

ذكرى هالحلم فتحت باب ذكرى تانية، فستاني الكحلي. كان مطرز عليه بالفضي، نجمة و قمر و كوكب زحل، و أنا كنت ملزقة بهالفستان، و الدليل معظم صوري بهداك العمر فيه. شو سر هالحب الكبير لفستان عادي؟ كمان ما بعرف..

كملت مشي بهالمتاهة، ما احنا صرنا فايتين فايتين، هالفستان لبسته أول يوم بالروضة، عفكرة ماما نسيت تعطيني مصروف يومها، و مس نجاح اشترتلي بسكوت أوكي (و لا حدا من الناس اللي بعرفهم حالياً متزكره غيري) و عصير فراولة. ياااه الروضة، شو زمان هالفترة، و شو غريبة عن الحاضر! ليش هي أوضح فترة بذاكرتي؟ و بتذكرها أكتر من المدرسة؟ و حتى الجامعة! الله أعلم..

بتذكر اني داومت أسبوع متأخرة عالروضة، و راح علي حرف الألف! من أولها كان في حرف "ب" كبير عاللوح..و هون أنا (انا الكبيرة-الراوية) بطلت أجمع، و بدت تتراكم الذكريات كإنها من زمان نفسها تطلع عالسطح، و ما قدرت ألحق عاللقطات اللي تجمعت قدامي.

خلال ثواني، تزكرت مس نجاح، رحنا زرناها عبيتها لما ولدت، و أنا جبت كلكول (ضحكتني الكلمة لما اتذكرتها) لابنها. مس أمل معلمة الانجليزي، مرة أعطتنا حصة فن ابصر ليش، و قضت عأي حب عندي للرسم، هادي اللقطة مشهد درامي و بدها بوست خاص فيها! طارق، أكتر ولد مشاغب، كسرلي أول سن و انا بالتمهيدي. منى، صاحبتي من البستان، كانت حياتنا تتمحور حول تجميع أحلى و أغلى الباربيات(جمع باربي)، و نزور بعض لهدف واحد، نلبس الباربيات مشان يروحوا عالحفلة، و فعلا هالحفلة و تحضيراتها تاخد منا 4-5 ساعات لحد ما ماما تيجي تاخدني من عند منى أو العكس، يوم زي هيك كان يوم سعيد يدوم أثره لمدة مش بسيطة. كمان تذكرت محمد، دايما شاطر، دايما الاول او التاني عالصف، أهله مرة جابوله هيكل عظمي على عيد ميلاده مشانه حابب يكون دكتور بس يكبر. بعد 20 سنة عرفت انه فعلاً صار دكتور.

ياه شو تذكرت أشياء، و شو حسيت هالفترة بتشع سعادة و رضا، لدرجة غطت علي أي اشي تاني. لونها غير، و طعمها غير، كانها حياة شخص تاني غريب عني.

ليش زمان أحلى؟
ليش كنا كريمين بمشاعرنا؟
ليش كنا مبسوطين؟ و كان سهل إنا نكون مبسوطين؟
ليش فستاني الكحلي أحلى ب 100 مرة من قمصاني اللي بالكيس؟

قبل ما أسرح أكتر، و أنا أسهل ما عندي اني أسرح بكل شي و بولا شي، درت وجهي عن القمر.
و بابتسامة -حتى نص ابتسامة- هدفها التغطية عشعور المستسخف حاله،
قطعت الشارع، و روحت عالبيت..